كيف أعرف إذا كان طموحي محدود؟
وهل عملي الحالي غاية تكفي لحياة ممتعة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسألني بعض الناس: متى أقول لطموحي “كافٍ” وعليّ التوقف والتركيز؟ وبين السعي المستمر لتحقيق المزيد، أين نقطة التوازن؟
دائمًا ما نجد أنفسنا نتساءل في لحظات معينة من حياتنا: هل أنا أعيش لأحقق طموحاتي؟ أم أنني أكتفي فقط بالبقاء في منطقة الراحة؟ كيف يمكنني أن أميز إذا كان طموحي محدودًا أم لا؟ وهل عملي/مشروعي الحالي يكفي ليكون غاية تمنحني حياة ممتعة؟
في هذا المقال، سأشارك معكم بعض الأفكار والأسئلة العميقة التي قد مرّت عليّ ويمكن أن تساعدك على تقييم طموحاتك بشكل واقعي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطموح ليس مجرد أحلام كبيرة، بل هو قدرة مستمرة على النمو وتحقيق الذات بطريقة تتناسب مع شخصيتك وقيمك وظروفك.
1. هل تشعر بالرضا أم بالجمود؟
أحد أهم المؤشرات لمعرفة إذا كان طموحك محدودًا هو شعورك الداخلي.
- الرِضا الصحي: عندما تشعر بأنك سعيد ومنجز بما لديك الآن، لكنك ما زلت تتطلع للأفضل دون ضغط.
- الجمود: إذا كنت تشعر بأنك تدور في نفس الدائرة، تخاف من التغيير، أو لا ترى مستقبلًا أوسع من وضعك الحالي، فقد يكون هذا مؤشرًا أن طموحك يحتاج إلى إعادة تقييم.
اسأل نفسك:
- هل أقضي معظم وقتي في مهام روتينية دون تطور؟
- متى كانت آخر مرة شعرت أنني أنجزت شيئًا جديدًا ومختلفًا؟
2. هل لديك رؤية مستقبلية؟
الطموح هو البوصلة التي تقودك نحو المستقبل. إذا كنت ترى حياتك على أنها مجرد أيام تتكرر، فهذا يعني أن هناك خللًا في رؤيتك.
- هل تعرف ما الذي تريد تحقيقه بعد خمس سنوات؟
- هل لديك خطط لتحسين حياتك، سواء على المستوى المهني أو الشخصي؟
رؤية المستقبل لا تعني أن تكون لديك خارطة طريق مفصلة، ولكن يجب أن تملك على الأقل فكرة عن الاتجاه الذي تريد أن تسلكه. إذا كانت الإجابة “لا أعلم”، فهذا قد يشير إلى أنك بحاجة لإعادة التفكير في طموحاتك.
3. هل عملك الحالي غاية أم وسيلة؟
كثيرًا ما ننغمس في العمل حتى ننسى الهدف الأساسي منه. اسأل نفسك:
- هل عملي الحالي يعبّر عن شغفي؟ أم أنه مجرد مصدر دخل؟
- هل أشعر بالسعادة أثناء عملي، أو عند إنجازه؟ أم أنني أنتظر فقط نهاية الشهر؟
إذا كنت ترى عملك كغاية في حد ذاته، وتجد فيه المتعة والإشباع، فهذا رائع الحمدالله! ولكن إذا كان عملك مجرد وسيلة للبقاء دون أن يمنحك شعورًا بالإنجاز، فقد حان الوقت لتقييم إذا كان يحتاج إلى تطوير مهاراتك أو ربما تغيير.
4. هل تقارن نفسك بالآخرين؟
المقارنة بالآخرين قد تكون أحد أسباب الحد من طموحك. عندما نقارن أنفسنا بمن هم حولنا، قد نجد أنفسنا ننحصر في أهداف سطحية تُحدد بناءً على ما يفعله الآخرون. تذكر أن الطموح شخصي وفريد.
- لا تقارن بداياتك بمن هم في منتصف رحلتهم.
- ركّز على تحسين نفسك مقارنة بما كنت عليه بالأمس.
5. كيف تعرف أنك بحاجة للتغيير؟
إليك بعض المؤشرات التي قد تدل على أن طموحك محدود أو أن حياتك بحاجة إلى تحفيز جديد:
- إذا كنت تشعر بالملل بشكل مستمر وليس مؤقت أو فقدان الشغف.
- إذا كنت تخاف من المخاطرة والتغيير.
- إذا كنت ترفض استكشاف خيارات جديدة بحجة “الوضع الحالي كافٍ”.
- إذا شعرت أنك لا تتعلم شيئًا جديدًا أو لا تضيف قيمة لمستقبلك.
مثلا، نقوم في ورشة خريطة الحياة بتعلّم كيف يمكن لنا تحديد هدف رئيسي واضح ومؤكد للفترة المقبلة، مع وضع محطّات على الطريق كلحظات احتفال بواقعية يمكنك العمل عليها بخطوات عملية تناسب ظروفك الحالية.
6. طموحي ليس محدودًا، لكنه مختلف.
قد لا يكون الطموح مرتبط دائمًا بالسعي وراء المناصب العليا أو الثروات الطائلة. بعض الناس طموحهم يكون في العيش بحياة هادئة وسعيدة، والبعض الآخر يرى الطموح في بناء علاقات قوية أو تحقيق إنجازات شخصية صحية مثلا. المهم أن تكون طموحاتك متوافقة مع قيمك وأهدافك، وليست فقط انعكاسًا لتوقعات المجتمع.
كيف أبدأ بإعادة تقييم طموحاتي؟
- اسأل نفسك الأسئلة الصحيحة:
- ما الذي يجعلني أشعر بالشغف؟
- ما القيم التي أريد أن أعيش على أساسها؟
- ما هي المهارات أو التجارب التي أود اكتسابها؟
- ابدأ بخطوات صغيرة:
لا تحتاج إلى تغيير جذري في حياتك. حاول استكشاف مجالات جديدة أو تعلم مهارات جديدة تزيد من شغفك وتجدد حياتك. - استثمر في نفسك:
قد يكون ذلك من خلال عادات بسيطة، أو دورات تدريبية، أو قراءة كتب، أو حتى الاستماع إلى تجارب الآخرين الملهمة.
وكماهو معروف، فإن العمل والطموح رحلة وليست محطة تصل لها. عملك الحالي قد يكون غاية ممتعة إذا كان يتماشى مع شغفك ورؤيتك للحياة. لكن إذا كنت تشعر أن طموحك محدود أو أن حياتك لا تتحرك نحو الأفضل، فهذا لا يعني أن الوقت قد فات. ابدأ اليوم بإعادة تقييم أهدافك واستكشاف مجالات جديدة تضيف قيمة إلى حياتك.. ويا رب دائما تجد طريقك الأمتع والأكثر فائدة لك وللناس من حولك.
مقال رائع جدا ، استمتعت بقراءته واستوقفني العديد من الأسئلة التي سأحاول أن اجيبها قريبا